وقفات مع سورة الكهف: من الكهف إلى السلطان، دروس وعبر.
🌿 ✿ مـقـدمـة الـسـورة ✿ 🌿
سورة الكهف من السور المكية التي نزلت في مرحلة حساسة من الدعوة الإسلامية، حيث واجه النبي ﷺ عناد المشركين وكثرة جدالهم.
افتتحت السورة بقول الله تعالى: "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا"، لتقرر منذ البداية أن أعظم نعمة للإنسان هي نعمة الوحي والهدى.
وتوضح السورة أن:
-
الحياة لا تستقيم إلا بالرجوع إلى القرآن.
-
المال والسلطان مهما بلغا لا يقاسان بنعمة الإيمان.
-
المعركة بين الحق والباطل مستمرة، والعبرة بالثبات لا بكثرة المعاندين.
🌺 ✿ مـتـن الـسـورة ✿ 🌺
تأخذنا السورة بعد المقدمة إلى متنها الذي يتألف من أربع قصص رئيسة نسجها القرآن بأسلوب بديع يجعل القارئ يتنقل بين صور متنوعة من الابتلاء فمرة نرى فتية يهربون بدينهم ومرة رجلين أحدهما مغرور بماله والآخر مؤمن متواضع ومرة نبيًا كريمًا يتلقى الدرس في التواضع العلمي من عبد صالح ومرة قائدًا عظيمًا يطوف الأرض ناشرًا للعدل وبانيًا للسدود وبين قصة وأخرى نجد تعقيبات تربط الخيوط وتعيد المعنى إلى أصله وهو أن الدنيا دار فتنة وأن الطريق الصحيح للتعامل مع هذه الفتن هو الاعتصام بالله والثبات على الإيمان
🌸 ✿ قـصـة أصـحـاب الـكـهـف ✿ 🌸
القصص الأربع في سورة الكهف
تتألف سورة الكهف من أربع قصص رئيسية، تمثل صورًا متنوعة من الفتن التي قد يمر بها الإنسان، لتعلمنا كيف نواجهها بالثبات والإيمان.
قصة أصحاب الكهف (فتنة الدين)
-
فتية آمنوا بالله في زمن يسوده الشرك.
-
فروا بدينهم إلى الكهف طلبًا للحماية من الفتنة.
-
أنامهم الله ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا، ليكونوا آية على قدرة الله في الإحياء والبعث.
فتية آمنوا بالله في زمن يسوده الشرك.
فروا بدينهم إلى الكهف طلبًا للحماية من الفتنة.
أنامهم الله ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا، ليكونوا آية على قدرة الله في الإحياء والبعث.
💡 الدروس المستفادة:
-
الدين أثمن من الحياة.
-
التضحية في سبيل العقيدة طريق النجاة.
-
الله يحفظ أولياءه مهما طال الزمن.
🍃 ✿ قـصـة أصـحـاب الـجـنـتـيـن ✿ 🍃 (فتنة المال)
بعد ذلك تعرض السورة مشهدًا آخر يمثل فتنة المال وذلك في قصة رجلين كان لأحدهما جنتان عظيمتان من نخيل وأعناب تجري من تحتهما الأنهار وتزدان بأنواع الثمار فاغتر هذا الغني بجنته وظن أنها لن تبيد أبدًا بل أنكر البعث وقال ما أظن أن تبيد هذه أبدًا وما أظن الساعة قائمة أما صاحبه المؤمن فقد وعظه وذكّره بأن الملك لله وأن الشكر واجب على العبد وأن الجنة لا تدوم بغير طاعة لكن الغني لم ينصت حتى جاء أمر الله فجعل جنته خاوية على عروشها كأن لم تكن بالأمس فعرف حينها أنه أخطأ وأن ماله لم يغنه شيئًا إنها صورة بليغة تبين أن المال زائل وأن الغرور به يقود صاحبه إلى الهلاك وأن الغنى الحقيقي هو في شكر الله والتواضع له وأن المؤمن الحق ينظر إلى الدنيا بعين الزهد فلا يغتر بزخرفها
🌼 ✿ قـصـة مـوسـى والـخـضـر ✿ 🌼
ثم تنقلنا السورة إلى قصة موسى والخضر حيث يتجلى ابتلاء آخر هو ابتلاء العلم فقد أراد موسى عليه السلام أن يتعلم من عبد صالح آتاه الله علمًا من لدنه فكان معه في رحلة مليئة بالعبر رأى موسى كيف خرق الخضر سفينة لمساكين يعملون في البحر فاستنكر ذلك ثم رآه يقتل غلامًا بريئًا فاشتد استنكاره ثم رآه يقيم جدارًا في قرية بخيلة لم تقدّم لهما الضيافة فتعجب من فعله فلما كشف له الخضر الحكمة علم موسى أن ظاهر الأحداث قد يكون صادمًا لكن وراءه رحمة خفية فقد خرق السفينة حتى يسلمها أهلها من الملك الغاصب وقتل الغلام حتى لا يرهق أبويه الكافرين وكان بناء الجدار حفظًا لكنز ليتيمين حتى يبلغا أشدهما لقد خرج موسى من هذه الرحلة بدرس بليغ في التواضع والتسليم لحكمة الله وأن الإنسان مهما بلغ علمه يظل قاصرًا عن إدراك الحكمة الكاملة
🌻 ✿ قـصـة ذي الـقـرنـيـن ✿ 🌻
أما القصة الأخيرة فهي قصة ذي القرنين الذي يمثل فتنة السلطة فقد آتاه الله ملكًا واسعًا وقوة عظيمة فجعل منها وسيلة للعدل والإصلاح ولم يكن جبارًا ولا ظالمًا بل كان قائدًا مؤمنًا يجوب الأرض شرقًا وغربًا فينشر الخير ويقيم العدل حتى وصل إلى قوم يشتكون من فساد يأجوج ومأجوج فبنى لهم سدًا عظيمًا يحول بينهم وبين المفسدين حتى يأذن الله بخروجهم في آخر الزمان وفي قصته يتجلى أن السلطة ليست غاية في ذاتها وإنما ابتلاء عظيم فمن استخدمها في طاعة الله نجا وكان له أجر ومن طغى وتجبر كان وبالًا عليه إنها رسالة أن القوة إذا اقترنت بالإيمان صارت أداة للبناء لا للهدم ووسيلة للخير لا للظلم
🌹 ✿ الـتـعـقـيـب عـلـى الـقـصـص ✿ 🌹
بعد استعراض هذه القصص الأربعة يتضح الخيط الناظم بينها وهو أن الدنيا دار ابتلاء فهناك من يُبتلى بدينه كما في أصحاب الكهف ومن يُبتلى بماله كما في صاحب الجنتين ومن يُبتلى بعلمه كما في موسى والخضر ومن يُبتلى بسلطانه كما في ذي القرنين وكل هذه الصور تعود إلى حقيقة واحدة أن الإنسان يظل مختبرًا في حياته وأن طريق النجاة هو الثبات على الإيمان والتواضع لله والعدل في الأرض
🌷 ✿ خـاتـمـة الـسـورة ✿ 🌷
تختم السورة بهذه الحقيقة الكبرى فتؤكد أن الدنيا كلها زائلة وزينتها إلى فناء وأن ما يبقى للإنسان هو عمله الصالح المخلص الذي يتوجه به إلى ربه فلا يشوبه شرك ولا رياء ولهذا جاءت الآية الأخيرة جامعة مانعة فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا فهي تلخص رسالة السورة وتعيد القلوب إلى جوهر الإيمان