قصتي مع الجاثوم "بوغطاط" بقلم عبدالوهاب العيدي "قصة حقيقية"

قصتي مع الجاثوم "بوغطاط" 




كانت الليلة باينة من عنوانها... البرد، السكون، والساعة  جوج ديال الليل. أنا وصاحبي كنا فدار قديمة، كتخص العائلة، فالبلاد. دار فيها ريحة التاريخ... وبصراحة، حتى ريحة شي حاجة أخرى ماشي مريحة.

نعست وأنا حاس بلي غتوقع شي حاجة، ولكن قبل ما نعس، كنت كنفكر فالهضرة اللي سمعناها من عند العزيزة ديال صاحبي:

"اللي كيبات فهاذ الدار، خاصو يقرى المعوّدات وما ينساش البسملة... را بوغطاط ما كينعسش فالشتا."

ضحكنا، بصراحة. وقلت لصاحبي شكون باقي كيسمع لهاد الهضرة؟
لكن فداك الليلة... ضحكنا تقلب خوف.


في نص الليل ونا ناعس، حسّيت بشي حاجة ثقيلة كتضغط على صدري. بحال شي جبل قاعد فوقي.
عينيا بغيت نحلهم، ماقدّيتش.
لساني مربوط.
نفَس ثقيل.
رجليا... ما كاينينش.

وفجأة، بديت كنسمع صوت بحال أجراس كتقرب، حتي وصلت فوق راسي. ماشي أجراس ديال شي دار، لا... بحال ديال كنيسة كبيرة، ودايرين فوق راسي.

كان الصوت مرعب. كيخلّي الدم يتجمد فالعروق.


حاولت نغوت، لكن صوتي مات.
حاولت نتحرك، لكن جسمي بحال اللي مربوط.
العقل كيغوت: "فيق، فيق را كتغرق!"
والجسد؟ بحال ميت، بحال حيّ...


شي حد كان قريب.
ما شفتوش، لكن حسّيت به.
البرد ديالو، النفَس ديالو، الظل ديالو...
بحال إلا حضر، وكيشوف فيّا، وكيستمتع باللي واقع ليّا.

كنت كنقاوم، ولكن راسي بدا كيستسلم.
قلت: "هاد المرة، سالات... غنموت."


منين ستسلمت، لقيت رجليا كيتحركو، بحال إلا الجسد بدا كيرجع ليه شوية ديال الحياة.
ضربت الحيط برجليا، صوت خفيف، لكن كافي باش يفيّق صاحبي.

فتح عينيه، وشافني.

بلا ما نهدر، عرف باللي شي حاجة ماشي هي هاديك.

من بعد ما سالات الواقعة، قال ليا:


"شفتك كتتحرك بحال اللي كتغرق، ووجهك كان مزرّق...
حسّيت بشي حاجة، بحال شي روح ثقيلة فالدار.
قسم بالله، كنت قريب نهرب ونخليك."


لكن ما هربش.
قرب منّي، وبدا كيغوت بأسمي، وكيهزّني.
بشوية بشوية، بديت نحس براسي كنرجع.
الضو كان خافت، لكن البرد باقي حاضر.
الغرفة بحال بردات كثر، بحال إلا شي حاجة كانت وسطنا وخرجات.


منين فتحت عيني مزيان، شفت صاحبي، وجهو صفر.
حتى هو مخلوع، بحال اللي عاش الكابوس معايا.
بقينا ساكتين، ما قدرناش نهضرو.


هاد الشي ماكانش حلم، ولا تخيّلات.
كان حقيقي.
كان جاثوم.
وكان "بوغطاط" بحالو، كيف ما كتحكي عليه العيالات الكبار.


من داك النهار، بدّلت كلشي.
ولّيت نقرى المعوّدات قبل ما نعس، نسمّي، ونطلب السلامة.
لكن، بصراحة؟
ماشي أول مرة توقع ليّا مع بوغطاط...
وماشي مرة الأخيرة.


مرات كثيرة، كيتسلل ليا فمنامي، كيجيني بطرق مختلفة.
مرة شفتوبحال شي ظل طويل، واقف فباب الغرفة، ساكت، كيشوف.
مرة حسّيت بصوت كيهمس فودني، لكن ماكانش كاين حتى واحد.
مرة، نعست مع الضو شاعل، و فقت لقيتو طافي...
وبدات القصة من جديد.


شي مرات كنحاول نجاوب بالمنطق:
"راها غير ظاهرة علمية، الجسد كيكون ناعس والمخ فايق..."
ولكن الحقيقة؟
الإحساس اللي كتعيشه، ماشي علم ولا منطق.
كتحس بالموت كيشدّك من حنجرتك،
وكتحس بأنك ضعيف، عريان،
قدّام شي مخلوق... ماشي من هاد العالم.


قصتي مع الجاثوم طويلة، وكل ليلة فيها حكاية.
وهادي اللي حكيت ليكم اليوم، غير وحدة من بزاف.
بوغطاط، ماشي حلم.
ماشي خيال.
بوغطاط، كاين...
وكيجي، غير كيختار الوقت المناسب، والضحية المناسبة.


وإلى لقيتو راسكم فشي ليلة بحالي، ما تسكتوش.
تكلمو، صليو، سمو بالله،
وخليو الضوء شاعل.
لأن الظلام... هو الميدان ديالو.


باغيين بزاف ديال قصص وقعت ليا؟ كتبو ليا فالتعليقات، وعندي لكم قصص أبرد من الجليد... وأخطر من الحلم.

#قصص_بوغطاط أو #حكايات_الظل

تعليقات