آخر ملوك الجان
في قديم الزمان، قبل أن تستقر الأرض للبشر، كان عالم الجان يعيش في توازن دقيق بين الخير والشر، تحكمه ممالك خفية تحت البحار، في أعماق الجبال، وبين ظلال الغابات العميقة. كانت تلك الممالك تُحكم بحكمة من قبل مجلس ملوك الجان، لكن على عرشهم كان هناك ملك واحد فقط، الأقوى بينهم جميعًا، واسمه "أزهران"، آخر ملوك الجان.
كان أزهران معروفًا بعدله وقوته التي لا تضاهى، لكنه كان أيضًا يحمل لعنة قديمة، لعنة جعلته خالدًا لكنه محكوم بالنفي الأبدي بين العوالم. قيل إنه حكم آلاف السنين، حتى جاء يوم تغير فيه كل شيء.
في ليلة اكتمال القمر الأحمر، اجتمعت ممالك الجان في قصر الظلال، حيث أعلن المجلس عن نبوءة خطيرة:
"عهد الجان على الأرض يقترب من نهايته، وسيولد إنسان يمتلك مفتاح سقوط مملكة الجان."
كانت النبوءة تحمل تهديدًا خطيرًا لعالم الجان، وكان الخيار الوحيد أمام أزهران إما أن يواجه هذا المصير أو يحاول تغييره.
لم يكن الملك يخشى البشر، لكنه كان يعلم أن النبوءات القديمة لا تخطئ. بدأ البحث عن الطفل الموعود، إلى أن اكتشف أن الطفل لم يكن مجرد إنسان عادي، بل كان وريثًا لدم الجان والبشر معًا، وهو الوحيد القادر على إنهاء حكمهم. كان يُدعى "مالك"، وُلِدَ بين قبائل الصحراء، دون أن يعرف أحد حقيقته.
حاول أزهران القضاء عليه قبل أن يبلغ قوته الكاملة، لكنه فشل. فكلما اقترب منه، كانت قوى غير مرئية تحميه، وكأن القدر نفسه يتدخل ليحمي ذلك الفتى. ومع مرور السنين، كبر مالك، وبدأ يكتشف قوته، حتى أصبح قادرًا على استدعاء نور يخترق ظلام الجان، ويكشف أسرارهم المخفية.
لم يكن مالك يعلم بحقيقته إلا بعد لقائه بأحد شيوخ الصحراء الذي كشف له عن النبوءة، وأخبره أن عليه الاستعداد لمواجهة أزهران. أمضى الفتى سنوات في التدريب، يتعلم كيف يسيطر على قوته، مستعينًا بكتب قديمة وأسرار الجان المنسية.
في ليلة المواجهة الكبرى، وقف أزهران أمام مالك، مدركًا أن لحظة الحسم قد حانت. لم يكن الأمر مجرد معركة، بل كان صراعًا بين عهدين، بين القديم والجديد، بين الظلام والنور. استخدم الملك كل قوته، فانتشرت العواصف السحرية، واهتزت الأرض تحت قدميهما. لكن الفتى كان محميًا بقوة النبوءة، واستخدم طاقة النور التي اكتسبها ليصد هجمات الملك العجوز.
حين شعر أزهران بأنه بدأ يخسر، استدعى أرواح الجان القدامى لمساعدته، لكن حتى هذه القوة لم تكن كافية أمام قوة النبوءة. ومع آخر ضربة وجهها مالك، انشقّت الأرض وابتلعت الملك، تاركة عالم الجان بلا قائد لأول مرة منذ الأزل.
بعد سقوط أزهران، عاد مالك إلى قبيلته، لكنه لم يكن قادرًا على العيش كإنسان عادي بعد كل ما مر به. قيل إنه اختفى في الصحراء، بينما بقيت أسطورة آخر ملوك الجان تُروى في الليالي المظلمة، عن الملك الذي حاول مقاومة القدر، لكنه لم يستطع الهروب منه.
ومع مرور الزمن، بدأ البشر ينسون ممالك الجان، وتحوّلت إلى قصص تحكى للأطفال، بينما بقيت أطلال قصر الظلال شاهدة على عصر انتهى، عصر كان فيه الجان يحكمون الأرض، حتى جاء من غيّر مصيرهم إلى الأبد.
لا تنسى مشاركتها مع قُراء آخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ ليستفيدوا.
ألقاك في تدوينة أخرى ممتعة ومفيدة.